
إسلام الأجانب..جهود متواضعة ومؤشرات حقيـــقية عـــلى الــــواقع
يتناقل العالم أحوال انتشار
دعوة الإسلام في شتى بقاع الأرض.. وهذه حقيقة يعرفها الجميع، ولكن يا ترى كيف حال
انتشار الإسلام بين غير المسلمين في بلاد الإسلام.. ونحن هنا نخص اليمن لنعيش سوياً
الجهود والأنشطة الدعوية عبر المؤسسات الرسمية المتخصصة.. مع بيان بعض الثمار
للأنشطة الدعوية الفردية في اليمن، لنعلم جميعاً أن الدعوة إلى الله هي تاج على
جبين هذه الأمة.. فهل لها أن تتقلده.
المركز الثقافي
بداية يحدثنا الدكتور مانع
الهزمي مدير المركز الثقافي لدعوة الجاليات عن الأنشطة التي ينفذها المركز فيقول:
نظراً لتوافد السياح غير
المسلمين إلى اليمن وانتشارهم في أنحاء البلاد، إضافة إلى تواجد الجاليات من غير
المسلمين في البلاد ، وكذلك الجاليات المسلمة غير الناطقة بالعربية ، إضافة إلى
أهمية المشاركة في تبليغ رسالة الإسلام محلياً وعالمياً ، كل ذلك كان سبباً محفزاً
لإنشاء المركز الثقافي لدعوة الجاليات بكافة فروعه، حيث يركز المركز الثقافي أعماله
أساساً على دعوة غير المسلمين للإسلام، وذلك عن طريق الحوار الفردي أو الجماعي الذي
ينفذه العاملون في المركز أو المتطوعون.
كما يقوم المركز بإعداد
محاضرات لدعوة غير المسلمين تنفذ داخل المركز وخارجه ، إضافة إلى توزيع المواد
الدعوية »من كتيبات ومطويات وسيديهات وأشرطة كاسيت«.
وللمركز الثقافي أيضاً موقع
على الانترنت متخصص في دعوة غير المسلمين للإسلام، كما يتعامل المركز مع بعض
المواقع الدعوية بإمدادهم بالمقالات الدعوية باللغة الانجليزية..
أما بالنسبة للمسلمين
الجدد، فإن علاقة المركز لا تنقطع بهم لمجرد دخولهم في الإسلام ، ولكن المركز يعتني
بهم بعد دخولهم في الإسلام وذلك بتوعيتهم وتبصيرهم بأمور دينهم عبر إقامة الدروس
والدورات الشرعية وتوزيع المواد الدعوية التي تعلمهم إقامة شعائر الدين بالشكل
الصحيح.
ويقيم المركز أيضاً مشروع
إفطار الصائم للمسلمين الجدد والجاليات المسلمة غير الناطقة بالعربية ، إضافة إلى
توزيع الأضاحي في شهر ذي الحجة وإعداد برنامج الحج والعمرة للمسلمين الجدد.
وحتى يتم تنفيذ تلك البرامج
على الوجه المطلوب كان لا بد لنا من العمل على تأهيل الدعاة للقيام بدعوة غير
المسلمين إلى الإسلام بالشكل المطلوب، وفعلاً تم ذلك عبر إقامة الدورات المتتابعة
باللغة الانجليزية التي تهتم بالعقيدة الإسلامية ومقارنة الأديان والرد على الشبهات
حول الإسلام، وكذلك العلوم الحديثة.
وبفضل الله تعالى، فإننا
نرى ثماراً طيبة ، حيث تم توزيع ما يقارب من مليون مادة دعوية بأكثر من ٠٧ لغة، وقد
دخل في دين الإسلام ما يقارب من ٢٨٣ مسلماً جديداً ٠٥٪ منهم نساء منذ افتتاح المركز
بنسبة ٣ - ٥ أفراد شهرياً ولله الحمد والمنة.
أما بالنسبة للحدود
الجغرافية لنشاط المركز، فالحمد لله الذي يسر افتتاح فروع للمركز في محافظات عدن
والحديدة وحضرموت ، ورغم ذلك فإن أنشطة المركز بإمكانها أن تتجاوز تلك المحافظات
وذلك بتنفيذ أنشطة آنية إذا دعت الحاجة لذلك..
التعريف بالإسلام
عن الأنشطة التي تنفذها
اللجنة يقول الشيخ عبدالله بن حسين فرج - رئيس لجنة التعريف بالإسلام لجنة -
بصنعاء: لجنة التعريف بالإسلام لجنة دعوية خيرية تقوم بتعليم معتنقي الإسلام أمور
دينهم ومساعدتهم مادياً ومعنوياً، ودعوة غير المسلمين إلى الإسلام بالحكمة والموعظة
الحسنة، وذلك عن طريق الوسائل الدعوية بلغات مختلفة، حيث تقوم اللجنة بإعداد وتنفيذ
المحاضرات في المستشفيات والشركات والجامعات والسجون لغير المسلمين وتقوم بتنفيذ
الدورات الدورية في مجال مقارنة الأديان.
كما تقوم اللجنة بتوزيع
آلاف المواد الدعوية المتنوعة على الفئات المستهدفة.
الضوء والنور
إضافة إلى ما سبق هناك
مركزان دعويان متخصصان في دعوة غير المسلمين هما مركز الضوء القادم من الشرق وهو
مركز دعوي نسائي متخصص في دعوة غير المسلمين إلى الإسلام ويقع في محافظة تعز وهو
تجربة جديدة لم يتجاوز عمرها العامين.. أما المركز الآخر فهو مؤسسة نور الإسلام
وتقع في صنعاء ، حيث التقينا بالأخ عبدالحافظ الظرافي مدير المؤسسة الذي وجدنا فيه
طموحاً أوسع من حجم تلك المؤسسة الوليدة التي لم يتجاوز عمرها الشهر حتى الآن..
ولعل في ذلك الحماس والنشاط
بشائر خير تنبئ عن دخول الناس في دين الله أفواجاً خاصة وأن هذه المراكز تعمل جاهدة
في دعوة غير المسلمين للإسلام..
يقول »الظرافي« عن مؤسسته:
وجدنا كي نساهم في التخفيف عن أنفسنا وعن أمتنا من حمل الأمانة والمسؤولية أمام
الله تبارك وتعالى وذلك بإيصال نور الإسلام إلى كل من جهله لنقول له: إن الذي خلقنا
أمرنا بطاعته وعبادته وحده كي نفوز بجنته ونهانا عن معصيته وعبادة ما سواه كي ننجو
من عقوبته، وأن الدنيا ما هي إلا دار ابتلاء وعمل ، وبعد الموت يكون الجزاء،
ولنشارك ولو بالنصاب الأدنى من الدعوة التي حددها لنا حبيبنا محمد صلى الله عليه
وآله وسلم بقوله: »بلغوا عني ولو آية«.
وجدنا كي نشارك في إقامة
الحجة والمعذرة إلى رب السماوات والأرض لقوله تعالى »وكذلك جعلناكم أمة وسطاً
لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً«
وجدنا أيضاً كي ننال الأجر
العظيم والثواب الجزيل من الكريم سبحانه وتعالى ، حيث يقول الحبيب المصطفى صلى الله
عليه وآله وسلم »لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم«، وفي رواية
»مما طلعت عليه الشمس« والشمس تطلع على الكون بما فيه..!
الجهود الفردية
العمل الدعوي في اليمن
والذي يتعلق بدعوة غير المسلمين إلى الإسلام لا يمكن أن نحصره بالمؤسسات الدعوية
الرسمية فقط، بل إن هناك جهوداً فردية لا يمكن أن تحصر ما يقوم بها الدعاة والأفراد
بجهود بسيطة وهي منتشرة في أنحاء البلاد.. يحدثنا الأخ قايد بن أحمد فرج عن حالة
لهذا النموذج عاشها بنفسه ، حيث كان هو وزوجته في زيارة لأحد أقاربه المرضى في أحد
المستشفيات في أمانة العاصمة ، وأثناء الزيارة كانت إحدى الممرضات تعد للمريض حقنة
وهي هندية غير مسلمة، فقال »سرحان« لزوجته قولي لها أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن
محمداً رسول الله، فقالت زوجته لتلك الممرضة »ببراءة وبساطة« قولي أشهد أن لا إله
إلا الله وأن محمداً رسول الله.. فنطقت تلك الممرضة شهادة الحق فسر »سرحان وزوجته«
بذلك وتركوا مريضهم وهم يدعون لتلك الممرضة بالصلاح والفلاح ، لعل تلك الشهادة التي
نطقتها بلا وعي ولا إدراك لما تحمله من مفاهيم أن تكون سبباً لأن يكرمها الله عز
وجل بالهداية يوماً من الأيام..
الأخلاق الحسنة.. دعوة
تجربة دعوية فردية أخرى
تبين الجهد الانفرادي في دعوة غير المسلمين إلى الإسلام وأثره على الخارطة الدعوية
في اليمن.. التقينا أحد طرفي تلك التجربة في السجن المركزي بصنعاء واسمه يوسف
نيكولاس هندي الجنسية، رأينا على وجهه نور الإسلام وأمارات الرضا، أخذنا من وقته
قليلاً ليروي لنا قصة إسلامه متحدثاً باللغة الانجليزية، فاستعنا بأحد زملائه
النزلاء »معمر السقاف« لترجمة الحديث مباشرة.. يقول يوسف:
اسمي قبل الإسلام جوزيف
نيكولاس، كنت أعمل في أحد فنادق الخمسة نجوم مشرفاً على المطبخ وبعد انتهاء دوامي
في الفندق كنت أقوم بعمل خاص وهو إعداد وتوزيع الكيك الفاخر للمحلات..
قدر الله تعالى أن
أدخل السجن في قضية أنا بريء منها.. وهناك في السجن المركزي بصنعاء كانت قصة هدايتي
، بعد مكوثي في السجن ثلاثة أشهر في أول الفترة شعرت بالظلم، وكنت منكسراً جداً
وغير متقبل للسجن.. وأول ما دخلت الزنزانة كانت ممتلئة بالسجناء، ولذلك فإن السجناء
الجدد يفترشون فراشهم وسط الغرفة وليس لهم أسرّة خاصة بهم..
لكني وجدت هناك أحد
النزلاء استقبلني وأعطاني سريره ونام هو وسط الغرفة..
فتأثرت منه كثيراً
وكان يعطيني الملابس والطعام والنقود ، كنت أشعر أنه أكثر من أخ وأحس بصدق مشاعره
نحوي وكان هذا الشخص يذكر الله كثيراً ويحافظ على الصلاة وتعاليم الدين.. كان يلاحظ
ضيقي وانكساري فأعطاني مسبحة وعلمني التسبيح بـ سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا
الله والله أكبر، وقال لي أن ما بي سيزول إذا ذكرت ذلك التسبيح، فكنت أسبح ٧ آلاف
مرة كما علمني ، ثم أشعر بعد ذلك براحة وطمأنينة عجيبة رغم أني لم أسلم بعد..
بعد ذلك شرح الله
صدري للإسلام فأعلنت إسلامي وأنا اليوم سعيد بهذا الدين ، رغم أن كثيراً ممن حولي
تركوني بعد أن أعلنت إسلامي ومنهم القنصلية التي كانت تتابع جلسات المحاكمة قبل
إسلامي وبعد ذلك تخلوا عني..
العجوز
الداعية
في العام الماضي تحدثنا عن
قصة إسلام الممرضة الفلبينية ويني سوبر يمونتي باختصار ، ولكننا اليوم نتحدث عن
تفاصيل أكثر حدثتنا عنها ويني »وفاء« بنفسها حين التقينا بها في أحد مستشفيات أمانة
العاصمة قبل أيام وترجم لنا حديثها الأستاذ بليغ الأثوري، تقول »وفاء«: نحن من أسرة
مسيحية متشددة تنتمي إلى الكنيسة الكاثولوكية ، كنت أنظر إلى دين الإسلام بأنه دين
سيئ لأن كل مشاكل العالم تنسب إليه مثل الإرهاب والجرائم المختلفة..
ثم قدر الله لي أن
أسافر إلى المملكة العربية السعودية لأعمل هناك في أحد المستشفيات في تبوك فتعرفت
على امرأة تدعى أم خالد أعطتني بعض البروشورات التي تدعو إلى الإسلام.. فأسلمت ،
ولكن إسلاماً بدون إسلام.. أي أني لفظت الشهادة فقط ولم أتمكن من التعرف على تعاليم
الدين ولم أغير شيئاً في حياتي أبداً بل عشت تفاصيل حياتي المعتادة وبعد سنوات كنت
في مستشفى الثورة بصنعاء أعمل كممرضة، وكنت على وشك ضرب إبرة لعجوز وحسب ما أتذكر
فإني ربما قلت بسم الله من باب أن المسلمين يقولون ذلك، فقال لي العجوز هل أنت
مسلمة فقلت لها لا فقالت لي إن شاء الله تكوني مسلمة وسوف أدعو لك، ومرة أخرى نطقت
شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ولكنها كانت ذات طابع إيماني صادق
فقد شعرت ببريق في صدري عند ذلك وعزمت على تعلم أمور ديني وفعلاً تواصلت مع المركز
الثقافي لدعوة الجاليات ووجدت منهم الدعم والتشجيع الذي أعانني على التعرف على
الإسلام أكثر ثم تزوجت من رجل فلسطيني مسلم كان عوناً وسنداً لي في معرفة الإسلام،
ورغم ما لقيته من زملائي في ذلك الحين من صد ونفور إلا أني أعمل جاهدة لدعوتهم إلى
الإسلام بحسن تعاملي معهم لأني اعتبر أنها أفضل طريقة لتعريف الناس بدين الإسلام،
ولن ينسيني ذلك حرصي الشديد على دخول أهلي في الإسلام إلا أن تشددهم يجعلني أكثر
هدوءاً في دعوتي لهم عبر معاملاتي الحسنة معهم..
وزارة الأوقاف
من خلال التواصل المستمر مع
المراكز الدعوية أو متابعة أحوال المسلمين الجدد ، نجد أن تعداد المسلمين الجدد في
نمو متزايد مما يدل على إقبال غير المسلمين على الإسلام.. كيف لا وهو دين الحق الذي
ارتضاه الله عز وجل لعباده ونحن هنا في بلاد اليمن أكثر حاجة لتزايد النشاط الدعوي
لغير المسلمين خاصة مع وجود جاليات كبيرة من غير المسلمين ومع وجود عدد كبير من
السياح يجوبون البلاد شرقاً وغرباً، ولن يكون هناك كرم أفضل من إكرامهم بدعوتهم إلى
دين الله وجنته..
ولذلك لو تحرص وزارة
الأوقاف على الاهتمام بالأنشطة الدعوية المتعلقة بغير المسلمين والتي تشرف عليها
الوزارة من خلال تعميم تلك الأنشطة عبر مكاتبها في جميع المحافظات ، كما أن على
الوزارة إعادة تفعيل الأنشطة التي كانت تقيمها في هذا المجال منذ سنوات والتي اختفت
الآن بحجة عدم وجود الميزانية الكافية ، بل إلغاء المقررات السابقة التي كانت تقدر
بمائتي ألف ريال كما ذكر الأخ علي السعيدي المسؤول بإدارة الإرشاد بوزارة الأوقاف..
-----------------------------------------
المصدر :صحيفة
الوحدة .. اليمن -
alwahdah.net
|